أصدرت محكمة الجنايات في باريس، حكمًا بالسجن 10 سنوات على الناطق السابق باسم “جيش الإسلام” مجدي نعمة، المعروف بـ”إسلام علوش”، لدوره بانتهاكات ارتكبت في سوريا، وتحديدًا تجنيد قاصرين تتراوح أعمارهم بين 15 و18 عامًا، والمساعدة في إعداد جرائم حرب.

وصدر قرار المحكمة يوم الأربعاء 28 من أيار/مايو 2025، بعد أن طلبت النيابة العامة في باريس قبل يومين، سجن نعمة 10 سنوات، مع فترة احتجاز دنيا تسبق الإفراج المشروط تبلغ ثلثي المدة، بتهمة المشاركة في مخطط لارتكاب جرائم حرب.

ومجدي نعمة هو ضابط منشق عن قوات النظام السوري السابق، عمل متحدثًا باسم مجموعة “جيش الإسلام” المسلّحة في الغوطة الشرقية حتى عام 2017، ثمّ اتجه إلى تركيا. وفي أواخر عام 2019، سافر إلى فرنسا عن طريق تأشيرة نظامية صادرة من السفارة الفرنسية في اسطنبول التركية، “لاستكمال تحصيله العلمي”، ليتم اعتقاله بعد نحو ثلاثة أشهر، على خلفية دعوى رفعها “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”، و”الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان”، و”الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان” ضدّ “جيش الإسلام”.

وكانت محاكمة “إسلام علوش”، قائمة على مبدأ الولاية القضائية الممتدة خارج الإقليم أو الولاية القضائية العالمية“. وكون سوريا لم تصادق على  نظام روما الأساسي/المؤسس لمحكمة الجنايات الدولية، ورغم محاولات الحصول على قرار من مجلس الأمن بإحالة الوضع إلى المحكمة الجنائية، فإنّ استخدام روسيا والصين المتكرر لحق “الفيتو” منع المحكمة الجنائية الدولية من فتح تحقيق بشأن سوريا، ما جعل الطرق أمام الضحايا وعائلاتهم للحصول على العدالة والإنصاف محدوداً ومقيّداً.

ومع انسداد الطريق إلى المحكمة الدولية، وعدم وجود احتمال حقيقي للعدالة المستقلة والمساءلة داخل سوريا، لجأ الضحايا إلى بلدان أخرى مثل ألمانيا والسويد وفرنسا للتحقيق في القضايا بناء على ما يعرف “بالولاية القضائية خارج الحدود الإقليمية” أو “الولاية القضائية العالمية”، ويسمح مبدأ “الولاية القضائية العالمية خارج الحدود الإقليمية” بمحاكمة الجاني بغض النظر عن جنسيته أو جنسية ضحاياه، بشروط معيّنة مثل الوجود أو الإقامة في دولة المقاضاة.

نشأة مجموعة “جيش الإسلام” المسلّحة:

تأسس “جيش الإسلام” في أيلول/سبتمبر 2011 في الغوطة الشرقية، وتحديدًا في مدينة دوما، تحت اسم “سرية الإسلام” بقيادة الدعوي “زهران علوش” والده عبد الله علوش الذي يُعدّ من أبرز شيوخ الدعوة السلفية الإسلامية في البلاد. أفرج عنه النظام السوري السابق من سجن صيدنايا بعد أشهر من انطلاق الانتفاضة السورية. بدأت السرية بعمليات محدودة ضد قوات النظام في محيط دوما، ثم تطورت إلى “لواء الإسلام” في عام 2012، وفي سبتمبر/أيلول 2013، أعلن عن تغيير اسم “لواء الإسلام” إلى “جيش الإسلام” بعد توحيد عدة فصائل مسلحة تحت قيادته.

وفي فبراير/شباط 2018، شنت قوات النظام السوري، بدعم من روسيا، هجومًا واسعًا على الغوطة الشرقية، آخر معاقل المعارضة المسلحة قرب دمشق. تعرضت المنطقة لقصف مكثف، مما أدى إلى مقتل وجرح آلاف المدنيين، وتدمير البنية التحتية. وفي نيسان/أبريل 2018، وبعد مفاوضات مع الجانب الروسي، وافق “جيش الإسلام” على الخروج من دوما، آخر معاقله، إلى الشمال السوري، وتحديدًا إلى مناطق ريف حلب الشمالي.

دون إعلان الأسباب.. الإمارات تحتجز عصام بويضاني:

بعد مقتل مؤسس “جيش الإسلام”، زهران علوش عام 2015 بغارة جوية روسية، تسلم عصام
بويضاني قيادة “جيش الإسلام” وخلال شهر نيسان/أبريل 2025 أعلن “جيش الإسلام”، عن توقيف قائده “عصام بويضاني” في مطار دبي، دون أن يوضح أسباب التوقيف.

 وهو من بين القيادات التي التحقت لاحقًا بالجيش السوري الجديد بعد سقوط النظام السابق. وأصبح لاحقًا يشغل منصبًا قياديًا في وزارة الدفاع السورية الانتقالية.

وفي بيان عبر منصة “إكس“، قال الناطق الإعلامي باسم “جيش الإسلام”، حمزة بيرقدار، إن “احتجاز عصام بويضاني، أحد رموز الثورة السورية، يشكل انتهاكًا صارخًا للقيم التي يدعي البعض احترامها”، مطالبًا بـ”الإفراج عنه فورًاء ومن دون قيد أو شرط”.

وأكّد مصدران مقربان من بويضاني لوكالة “فرانس برس” أن سلطات مطار دبي أوقفته أثناء مغادرته دولة الإمارات، التي كان قد دخلها مستخدمًا جواز سفر تركيًا. وأوضح أحد المصدرين أنه “حتى الآن، لا نعلم سبب التوقيف ولم نتلقَ ردًا واضحًا”، مضيفًا أن “الحكومة السورية أبلغتنا بأنها تواصلت مع السلطات الإماراتية، لكنها لم تتلقَّ جوابًا حتى الآن”.

وأشار المصدر إلى أن بويضاني كان في زيارة خاصة إلى الإمارات، بناءً على دعوة من أحد أصدقائه السوريين المقيمين هناك، مرجحًا أن الزيارة لم تكن منسقة مع الحكومة السورية.

وأطلقت عائلة بويضاني عبر بيان مصور، نداءً للدولة السورية، ودولة الإمارات، طالبت فيه بالإفراج عن قائد “جيش الإسلام” عصام بويضاني.

وطالبت العائلة كلًا من رئاسة الجمهورية، ووزارة الخارجية، بضمان سلامة بويضاني كمواطن سوري، وفق البيان، ولم تعلق الإمارات حتى الآن على خبر اعتقال بويضاني، كما لم توضح الاتهامات الموجهة له، وسط أنباء أن التوقيف ربما يأتي بسبب قضية الناشطة رزان زيتونة، والتي اختفت قبل سنوات في مناطق سيطرة “جيش الإسلام”، واتهم الفصيل بقتلها.