شهدت سوريا خلال سنوات النزاع الماضية، العديد من انتهاكات حقوق الملكية، بحقّ عقارات ومنازل ومساكن السوريين/ات في مختلف المناطق، ومنها عمليات الاستيلاء على الممتلكات ومصادرتها بشكل غير مشروع، إضافة إلى عمليات التدمير أو التخريب.

وحيث أنّ الهدف الأساسي لمشروع “مشاركة من أجل العدالة” هو التعريف بآليات العدالة الدولية، والمحلية ذات الصلة بالملف السوري وشرح ولاياتها وطرق عملها وآخر المستجدات الخاصة بها، ومساعدة مجتمعات الضحايا (كل الضحايا وبغضّ النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الإثنية أو المناطقية)، تقوم “مشاركة” بالتعريف بأبرز انتهاكات حقوق الإنسان والملكية وسبل العدالة المتاحة بلغة مبسطة، وهو أمرٌ يكتسب أهمية كبيرة لا سيما بعد الإطاحة بنظام الأسد، وهذا ما سيتيح للضحايا المطالبة بحقوقهم المنتهكة طوال فترة الصراع، كون هذا الأمر لم يكن متاحاً أثناء وجود نظام الأسد وسطوة أجهزته الأمنية.

سنحاول في هذه المقالة المختصرة شرح جريمتي: غصب العقار وهدمه أو تخريبه بلغة تُمكن القارئ من فهمها ومعرفة نوع الانتهاك الواقع على حقه بالملكية، وفيما إذا كان الانتهاك الواقع عليه يندرج ضمن التوصيفات القانونية التي سيتم ذكرها أدناه أم ضمن توصيفات أخرى سيتم شرحها في مواد لاحقة، ويمكن تلخيصها بالنقاط التالية:

  1. جريمة غصب العقار (الاستيلاء على عقار بشكل غير مشروع):

نصت المادة 723 من قانون العقوبات السوري لعام 1949، على أنّ (1) – من لا يحمل سنداً رسمياً بالملكية أو التصرف واستولى على عقار أو قسم من عقار بيد غيره عوقب بالحبس حتى ستة أشهر. و(2) – وتكون العقوبة من شهرين إلى ستة إذا رافق الجرم تهديد أو جبر على الأشخاص أو الأشياء ومن ستة أشهر إلى ثلاث سنوات إذا ارتكبه جماعة من شخصين على الأقل مسلحين. و(3) – يتناول العقاب الشروع في الجريمة المذكورة في الفقرة الثانية…

نلاحظ من نصّ المادة المذكورة إن جرم غصب العقار يتحقق بمجرد الاستيلاء عليه بدون وجه حق وبدون وجود أي مستند رسمي بالملكية أو التصرف، وتتحقق الجريمة ويستحق الفاعل العقوبة، أياً كان نوع العقار وسواء تم الاستيلاء على كامل العقار أو على جزء منه، وسواء تم الاستيلاء بالقوة أو باستغلال ظروف معينة كغياب المالك مثلاً.

وتم اعتبار استخدام القوة أثناء ارتكاب جرم الاستيلاء على العقار (غصب العقار) ظرفاً مشدداً للعقوبة، وكذلك تمّ تشديد العقوبة إذا ارتكب الجرم شخصين أو أكثر وكانوا مسلحين، ولم تشترط المادة أن يكون المنتهكون قد استخدموا السلاح أم لا، وذلك لأنه في حال استخدام السلاح سيضاف إلى الفعل الجرمي توصيف آخر، كالتهديد بالسلاح أو الشروع بالقتل، أو القتل، حسب الحال.

ويؤخذ على هذه المادة أن العقوبة المفروضة على الفاعل/ين لا تتناسب مع فداحة الجريمة المرتكبة، ولا سيما إذا ارتكبت في إطار هجوم ممنهج وواسع النطاق، كما أن القانون السوري لم ينص على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية كجرائم قائمة بذاتها، وإنما نصّ على الأفعال التي تندرج ضمن الجرائم المذكورة كجرائم منفردة، مثلها مثل تلك التي ترتكب في حالة السلم ودون ان تكون جزءاً من خطة ممنهجة تتبعها الحكومة أو قوى الأمر الواقع.

  1. جريمة هدم وتخريب أملاك الغير:

 نصت المادة 718 من ذات القانون على أنّ: “كل من أقدم قصداً على هدم أية بناية كلها أو بعضها مع علمه أنها ملك غيره يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من مائة إلى مائتي ليرة، وإذا وقع الهدم ولو جزئياً على الأكواخ والجدر غير المطينة أو الحيطان المبنية بالدبش دون طين كانت عقوبة الحبس من شهر إلى ستة أشهر والغرامة مائة ليرة”.

بموجب هذه المادة يحقّ لكل من هُدِمَ منزله كلياً او جزئياً أن يتقدم بدعوى أمام القضاء المختص/حسب الحالة، للمطالبة بمحاسبة الفاعل في حال معرفته، ومطالبته بالتعويض عن الضرر الذي لحق به من جراء هذا الفعل الجرمي، ويؤخذ على هذه المادة ذات المآخذ المذكورة بخصوص جريمة غصب العقار، من حيث عدم تناسب العقوبة مع فداحة الجرم، وعدم الأخذ بعين الاعتبار مسألة تعدد الفاعلين وارتكاب الجرم في إطار هجوم ممنهج وواسع النطاق.