المحكمة الجنائية الدولية
تمّ إنشاء محكمة الجنايات الدولية بموجب نظام روما الأساسي لعام 1998، والذي دخل حيز التنفيذ في شهر تموز/يوليو عام 2002، بعد تصديق 60 دولة على الاتفاقية (المادة 126)، وقد بلغ عدد الدول الأعضاء في المحكمة حتى تاريخ كتابة هذا الملف 123 دولة، وتكّون المحكمة هيئة دائمة لها السلطة لممارسة اختصاصها على الأشخاص المتهمين بارتكاب أشد الجرائم خطورة موضع الاهتمام الدولي، وهي: جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية وجريمة العدوان (المادة 5).
وليس للمحكمة اختصاص إلا بخصوص الجرائم التي ترتكب بعد نفاذ النظام الأساسي أي بعد تموز/يوليو 2002، وذلك بالنسبة للدول الستين التي صادقت على الاتفاقية. أما بالنسبة للدول التي تنضم إلى الاتفاقية لاحقاً فليس للمحكمة أن تمارس اختصاصها إلا فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بعد نفاذ هذا النظام بالنسبة لتلك الدولة (المادة 126)، إلا انه يجوز للدولة المعنية أن تعلن قبولها لاختصاص المحكمة بالنظر في الجرائم التي وقعت قبل انضمامها للاتفاقية (المواد 11-12).
وتضع المحكمة الجنائية الدولية يدها على الدعوى بحالات ثلاث: (1) فإمّا أن تقوم دولة طرف بإحالة القضية إلى المحكمة، أو (2) أن يقوم المدعي العام للمحكمة بمباشرة التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة، أو (3) أن يقوم مجلس الأمن الدولي بإحالة ملف ما إلى المحكمة بموجب قرار يتخذه المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة (المادة 13)، وهذا القرار يشترط موافقة الأعضاء الخمسة الدائمين في المجلس، ولهذا السبب فشل مجلس الأمن في إحالة الملف السوري إلى المحكمة بسبب استخدام روسيا والصين لحق النقض (الفيتو) ومنعتا تمرير أكثر من مشروع قرار بهذا الخصوص.
وصلاحية هذه المحكمة تستند إلى مبدأ التكامل؛ بمعنى أن المحكمة لا تعفي الدول من مسؤولياتها الأولية ولا تتدخل سوى عند تعذر قيام السلطات القضائية في الدولة المعنية في التحقيق في الجرائم المذكورة، إمّا بسبب انهيار النظام القضائي في تلك الدولة، كلياً أو جزئياً، أو عندما لا يكون راغباً في القيام بذلك.
وتعتبر الدولة غير راغبة إذا قامت بإجراءات تهدف إلى حماية الشخص المعني من المسؤولية الجنائية عن الجرائم التي تدخل في نطاق اختصاص المحكمة، أو في حال حدوث تأخير لا مبرر له في الإجراءات بشكل يؤكد عدم وجود النية في تقديم الشخص المعني للعدالة، او إذا لم تباشر بأي إجراءات أو باشرت الإجراءات بشكل غير مستقل ونزيه (المادة 17 من نظام روما).