الآلية الدولية المحايدة
تم إنشاء “الآلية” بتاريخ 21 كانون الأول/ديسمبر 2016، بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 71/248، حيث نصّ على إنشاء “آلية دولية محايدة مستقلة للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة وفق تصنيف القانون الدولي، المرتكبة في الجمهورية العربية السورية منذ آذار/مارس 2011”.
بادرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء “نموذج المساءلة الجديد” هذا لمعالجة الأدلة المتزايدة على ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان منذ بداية النزاع، وكانت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة المعنية بالجمهورية العربية السورية قد أصدرت، ومنذ تأسيسها عام 2011، عدّة تقارير سلّطت الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وأوصت مجلس الأمن باتخاذ إجراءات لإحالة النزاع إلى هيئات عدالة دولية.
غير أن المأزق الذي وصل إليه مجلس الأمن والقيود الواردة في نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية فيما يتعلق باختصاصاتها وآليات إحالة الدعاوى إليها، ومنع الفيتو الروسي والصيني من إحالة الملف السوري إلى هذه المحكمة، حدَّت من فرص الوصول إلى العدالة، فقررت الجمعية العامة أن هناك حاجة إلى استجابة دولية لتعزيز التزامها بسيادة القانون، وأن العمل على التحضير للإجراءات الجنائية يمكن أن يبدأ، وينبغي أن يبدأ.
أُنشأت “الآلية” من قبل “الجمعية” لتكون بمثابة جهة مساعدة للسلطات القضائية المختصة في النظر في الانتهاكات والجرائم التي وقعت في سوريا اعتباراً من آذار/مارس 2011 فصاعداً، ولا سيما جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، وتستخدم الآلية منهجية ومعايير القانون الجنائي في كل مرحلة من مراحل عملها؛ وهذا يسهل على المدعين العامين/ات دمج المنتجات والمواد التي تتقاسمها الآلية في قضاياهم/ن ويعزز إلى أقصى حد ممكن احتمال استخدامها في الإجراءات القانونية؛ والهدف من ذلك هو تحديد المسؤولية الجنائية الفردية عن الجرائم بما لا يدع مجالًا للشك.
تجمع الآلية أدلة من طائفة واسعة من المصادر ذات الصلة بعملها؛ ويشمل ذلك المنظمات الدولية والإقليمية، وكيانات الأمم المتحدة (بما في ذلك لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا)، والدول، ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات، والأفراد.
كذلك تجري الآلية تحقيقاتها الخاصة المحددة الهدف، بما في ذلك إجراء مقابلات مع الشهود، وجمع الوثائق ومواد الأدلة الجنائية حسب الاقتضاء؛ وبشكل يتوافق مع معايير القانون الجنائي الدولي، وقد أضفت الآلية الطابع الرسمي على عملها التشغيلي مع منظمات المجتمع المدني السورية من خلال التوقيع على بروتوكول تعاون في عام 2018، لتوفير إطار عام للتعامل مع الآلية، وعند الاقتضاء، تبرم الآلية أيضا مذكرات تفاهم فردية مع منظمات المجتمع المدني التي تسعى إلى مشاركة مواد معها.
إذاً، الآلية ليست محكمة ولا تتمتع بسلطات النيابة العامة أو الادعاء العام، ولا يمكنها رفع قضية إلى محكمة، أو إصدار أحكام الإدانة، أو فرض عقوبات، لا تقدم الآلية تقارير علنية عن مضمون عملها، لكنها تقدم تقريرا سنوياً إلى الجمعية العامة عن أنشطتها وأولوياتها واحتياجات تمويلها، مع الحفاظ على الطابع السري لعملها الموضوعي، ولا تعمل الآلية داخل سوريا.