تُعد البطاقة الأسرية، المعروفة باسم “دفتر العائلة”، من الوثائق المدنية الأساسية في سوريا، إذ تمثل سجلاً مدنياً مُصغّراً للأسرة، وتُثبت من خلالها علاقات النسب والزواج ووقائع الأحوال المدنية مثل الولادة والوفاة، وهي شرط لازم في العديد من المعاملات الرسمية والخدمات العامة، مثل إصدار وثائق الهوية للأطفال، التسجيل في المدارس، الحصول على الرعاية الصحية، وتوثيق الوقائع المدنية.
ومنذ اندلاع النزاع المسلح في سوريا، واجه الكثير من السوريين صعوبات كبيرة في الحفاظ على وثائقهم الرسمية، بما فيها دفاتر العائلة. وقد فقد العديد منهم هذه الوثائق بسبب النزوح أو تهدم منازلهم، فيما لم يتمكن آخرون من إصدار دفاتر جديدة نتيجة عدم قدرتهم على الوصول إلى مراكز السجل المدني، إمّا خوفاً من الملاحقة الأمنية أو لصعوبة التنقل بين مناطق السيطرة المختلفة. وفي هذا السياق، قامت سلطات الأمر الواقع في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة بمنح دفاتر عائلة محلية، تختلف في الشكل والمحتوى عن النموذج الرسمي، دون أن تحظى هذه الوثائق بأي اعتراف قانوني خارج تلك المناطق.
والبطاقة الاسرية (دفتر العائلة) هي وثيقة رسمية تصدر عن أمانة السجل المدني، وتضمّ معلومات مفصلة عن الزوج والزوجة وأولادهما، وتشمل الاسم الكامل، الرقم الوطني، الديانة، ومكان وتاريخ تسجيل واقعة الزواج ووقائع الولادة للأطفال. ويُلزم القانون صاحب العلاقة بمراجعة أمانة السجل المدني لإضافة أي واقعة جديدة، كولادة طفل، ويُحظر استعمال الدفتر قبل إجراء التحديثات المطلوبة عليه.[1]
- إجراءات إصدار البطاقة الأسرية وفق قانون الأحوال المدنية السوري وتعليماته التنفيذية:
بعد توثيق عقد الزواج في المحكمة الشرعية والحصول على صورة مصدقة عنه، يتوجه أحد الزوجين، أو كليهما، إلى أمانة السجل المدني لتقديم طلب شفهي للحصول على دفتر عائلة، ويجب إبراز الوثائق التالية:
ــ الهوية الشخصية وصورة عنها.
ــ صورتان شخصيتان ملونتان للزوج والزوجة (صورة الزوجة اختيارية إلا إذا كانت هي مقدمة الطلب بسبب وفاة الزوج أو فقدانه، فتصبح الصورة إلزامية).[2]
ــ طوابع ورسوم بمبلغ 2000 ليرة سورية.[3]
وبعد تقديم الوثائق، يصدر دفتر العائلة ويوقع من قبل أمين السجل المدني. وفي حال تعذر حضور مقدم الطلب لأسباب صحية أو إعاقة، يمكن تكليف موظف لتسليم البطاقة الأسرية إلى صاحب/ة العلاقة في منزله.[4]
كما يحقّ للأولاد الراشـدين العازبين، في حال وفـاة والديهما، أو غيابهما بسـبب السفر أو السجن، أو وفـاة الوالد وتأهل الوالدة، أو طلاقها منه قبل وفاته، وكذلك للوصي الشرعي في حال عدم وجود أولاد راشدين عازبين، التقدم بطلب الحصول على البطاقة الأسرية.[5]
- حالات خاصة في منح البطاقة الأسرية:
الزوجة غير السورية: يحق لها الحصول على دفتر عائلة في حال كان الزوج متوفياً أو غائباً أو مسجوناً، وكان لهما أولاد مشتركين، حتى وإن لم تكن الزوجة قد اكتسبت الجنسية السورية بعد.[6]
تعدد الزوجات: إذا كان الزوج متوفى وله أكثر من زوجة وله من كل واحدة أولاد، تُمنح كل أرملة بطاقة أسرية مستقلة، تتضمن اسمها وأسماء أولادها فقط، ويشار في صحيفة الزوج إلى وجود زوجات وأولاد آخرين.[7]
- السوريون/ات المقيمون في الخارج:
لم يتطرق قانون الأحوال المدنية وكذلك تعليماته التنفيذية إلى مسألة إمكانية الحصول على البطاقة الأسرية من خلال البعثات الدبلوماسية أو القنصلية السورية في الخارج. ولكن وفقاً للقواعد العامة في القانون السوري، وكذلك وفقا لما ورد في المادة 56 من قانون الأحوال المدنية، يمكن لصاحب/ة العلاقة المقيم/ة في الخارج أن يقوم بتوكيل محام أو شخص آخر كوكيل قانوني عن طريق السفارة أو القنصلية السورية، وبعد استلام هذا الوكيل للوكالة يمكنه أن يتقدم إلى أي مركز سجل مدني في سوريا بطلب الحصول على البطاقة الأسرية، ومن ثم ارسالها الى الشخص المعني وفق الأصول، كما يمكن للوصي الشرعي للأطفال القاصرين القيام بذلك.
- بدل فاقد أو تالف:
- في حال الفقدان:
يجب تنظيم ضبط شرطة لدى القسم المختص بمكان فقدان البطاقة، بحضور شاهدين، ويُقدم الضبط مع صورة عنه إلى أمانة السجل المدني للحصول على بدل ضائع.
- في حال التلف:
يتم تسليم البطاقة التالفة لأمانة السجل المدني للحصول على بدل تالف، دون الحاجة إلى ضبط شرطة.
في كلتا الحالتين (بدل فاقد أو تالف)، تُفرض غرامة مقدارها 7000 ليرة سورية.[8]
- العقوبات الجزائية المرتبطة بدفتر العائلة:
فرض القانون السوري عقوبات جزائية على بعض الأفعال المتعلقة بسوء استخدام دفتر العائلة، مثل:
استخدام دفتر عائلة خاص بشخص آخر، أو مكَّنَ الغير من استخدام بطاقته الاسرية، لأو حصل على دفتر العائلة استناداً إلى تعريف كاذب.
وتتراوح العقوبة بين الحبس من شهر إلى سنتين، وغرامة مالية قدرها 150,000 ليرة سورية.[9]
ويعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر، أو بغرامة قدرها 200,000 ل.س، كل من يُقدم على الادعاء الكاذب بفقدان البطاقة مع احتفاظه بالأصل.[10]
- التوصيات:
في ضوء ما سبق، يوصي مشروع “مشاركة من اجل العدالة” بما يلي:
ــ تسهيل إجراءات السوريين في الخارج: ندعو الحكومة السورية الانتقالية إلى تمكين السوريين/ات المقيمين في الخارج، سواء كانوا مغتربين أو لاجئين، من الحصول على دفاتر العائلة عن طريق السفارات أو القنصليات، لا سيما في الحالات الإنسانية والطارئة.
ــ توحيد النموذج: نشدد على أهمية اعتماد نموذج موحد للبطاقة الأسرية في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك المناطق التي كانت خارج سيطرة الحكومة، واستبدال الدفاتر الصادرة حينها بوثائق رسمية معترف بها، لضمان توحيد السجل المدني وحماية الحقوق القانونية للأفراد.
[1] المادة 59 من قانون الأحوال المدنية السوري.
[2] المادة 56 من التعليمات التنفيذية لقانون الأحوال المدنية السوري.
[3] المادة 64 من التعليمات التنفيذية.
[4] المادة 56 من التعليمات التنفيذية.
[5] المادة 56 من قانون الأحوال المدنية.
[6] المادة 56 فقرة1 من التعليمات التنفيذية.
[7] المادة 56 فقرة2 من التعليمات التنفيذية.
[8] المادة 65 من قانون الأحوال المدنية السوري.
[9] المادة 69 من قانون الأحوال المدنية السوري.
[10] المادة 70 من قانون الأحوال المدنية السوري.