مع تصاعد النزاع المسلح في سوريا خلال السنوات الماضية، شكَّلَ جواز السفر الوثيقة الأكثر أهمية للسوريين/ات. وقد استغل النظام السابق هذه الحاجة، فحوّل الجواز إلى مصدر دخل له ولأداته العسكرية والأمنية ومصدر ابتزاز للسوريين/ات، عبر فرض رسوم مرتفعة، كما جعله أداة لمعاقبة المعارضين، من خلال إخضاع الطلبات لتدقيق أمني ومطابقة مع قوائم المطلوبين، مما عرض المتقدمين أو من ينوب عنهم لخطر الاعتقال.
هذا الواقع دفع الكثير من السوريين/ات إلى اللجوء لسماسرة ودفع مبالغ إضافية لتجنب الملاحقة، ما فاقم الانتهاك لحقهم في السفر والتنقل، وخرق نصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما أدى عدم القدرة على الحصول على جواز سفر إلى تعقيد أوضاع السوريين في الخارج، وتهديد إقاماتهم وأعمالهم.
ويعتبر جواز السفر وثيقة رسمية تصدرها الدولة لمواطنيها، وتعد بمثابة بطاقة هوية دولية تحتوي على البيانات الشخصية، وتُستخدم للسفر بعد الحصول على تأشيرة من الدولة المقصودة. وفي سوريا، تتولى إدارة الهجرة والجوازات، أو البعثات الدبلوماسية، إصدار هذه الوثيقة.
- أحدث التعديلات على إجراءات استصدار الجواز (2025):
بعد سقوط النظام السابق، تمّ اعتماد عدة تعديلات من قبل إدارة الهجرة والجوازات السورية، أبرزها:
توحيد مدّة الجواز لتصبح 6 سنوات لكافة الفئات العمرية، وقبول الهويات (البطاقات الشخصية) الصادرة عن “حكومة الإنقاذ” التي كانت تسيطر على إدلب سابقاً، وكذلك استمرار صلاحية الجوازات القديمة حتى انتهاء مدتها.
- إجراءات الحصول على الجواز:
بالنسبة للمقيمين/ات داخل سوريا، يجب التسجيل عبر منصة “أنجز“، ثم إدخال البيانات وتقديم صورة الهوية، مع امتلاك حساب بنكي لتسديد الرسوم إلكترونياً، ويتم تحديد موعد لاستلام الجواز بشكل شخصي من أحد أفرع إدارة الهجرة والجوازات في سوريا.
أما بالنسبة للمقيمين خارج سوريا، فيتم الدخول إلى “المنصة الالكترونية“، وإنشاء حساب، ثم اختيار “حجز دور في السفارة”، وتعبئة البيانات المطلوبة، وفي حال عدم وجود بعثة دبلوماسية، يمكن لأقارب الشخص حتى الدرجة الرابعة أو وكيله القانوني تقديم الطلب داخل سوريا، مرفقاً بإخراج قيد فردي مع صورتين شخصيتين وبيان قيد عائلي، ونسخة الجواز القديم أو صورته، بالإضافة إلى توقيع صاحب العلاقة.
بالنسبة للقاصر فيُمنح جواز السفر بموافقة خطية من الولي الشرعي، أو بموجب وصاية مؤقتة يصدرها القاضي الشرعي بناءً على طلب مرفق بوثائق ثبوتية، كبيان قيد عائلي أو دفتر عائلة يثبت صلة القرابة.
- جواز سفر بدل ضائع أو تالف[1]:
إذا كان الشخص يرغب في الحصول على جواز سفر بدل عن ضائع، فيجب عليه/ا أولاً تنظيم ضبط شرطة في مركز الشرطة المختص لتوثيق واقعة الفقدان. بعد ذلك، يتعين عليه تقديم طلب للحصول على بدل ضائع إلى إدارة الهجرة والجوازات في سوريا، أو إلى البعثة الدبلوماسية إذا كان الفقدان قد حدث خارج البلاد. ويجب أن يُرفق الطلب بالوثائق نفسها المطلوبة للحصول على جواز سفر للمرة الأولى، بالإضافة إلى صورة مصدقة عن ضبط الشرطة، ويتم إصدار جواز سفر جديد بعد دفع الرسوم المطلوبة.
وللحصول على جواز سفر بدل عن تالف، يتعين على صاحب/ة العلاقة تقديم طلب إلى إدارة الهجرة والجوازات في سوريا أو إلى البعثة الدبلوماسية في الخارج، مرفقاً بالوثائق المطلوبة نفسها للحصول على جواز سفر للمرة الأولى، بالإضافة إلى الجواز التالف ويتم الحصول على بديل عنه بعد دفع الرسوم المطلوبة.
أما تجديد جواز السفر يتم وفق الاجراءات والوثائق والثبوتيات نفسها اللازمة للحصول على جواز السفر للمرة الأولى، بالإضافة إلى جواز السفر المنتهي الصلاحية.
- رسوم التسجيل على الجواز:
لا تزال رسوم التسجيل على جواز السفر كما كانت في عهد النظام السابق، حيث حددت المنصة الالكترونية رسوم التسجيل على جواز السفر وفقاً لما يلي:
– جواز السفر العادي: 312,700 ليرة سورية، ويصدر خلال فترة تتراوح بين 30 إلى 45 يوماً.
– جواز السفر المستعجل: 432,700 ليرة سورية، ويصدر خلال 15 يوماً.
– جواز السفر الفوري: 2,010,700 ليرة سورية، ويصدر خلال يومين.
أما بالنسبة لرسوم التسجيل خارج القطر، فهي 300 دولار لجواز السفر العادي و800 دولار لجواز السفر الفوري.
- مطالب إصلاحية:
إن واقع إصدار جواز السفر السوري يستدعي إصلاحات جذرية وشاملة تتماشى مع المبادئ الدستورية، والالتزامات الدولية التي تعهدت بها الدولة السورية بموجب انضمامها إلى الاتفاقيات الدولية، وفي مقدمتها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وعليه، فإن الحكومة الانتقالية مطالبة بما يلي:
ــ تخفيض الرسوم المالية المفروضة على استخراج وتجديد جوازات السفر، بما يتناسب مع الواقع الاقتصادي والمعيشي للسوريين، سواء داخل البلاد أو خارجها، وتوحيد الرسوم في الداخل والخارج، بما يُنهي حالة التمييز المالي ويضمن المساواة في الحصول على الوثائق الرسمية، وتجنب التعامل مع المواطنين بنفس الأسلوب الذي كان يتبعه النظام السابق، والذي كان يستغلهم ويبتزهم مادياً وأمنياً للحصول على جوازات السفر كون هذا الأمر يعيق حق التنقل الذي تكفله العهود والمواثيق الدولية.
ــ تسريع إجراءات استخراج جواز السفر وإيجاد حلول لمشكلة الازدحام والانتظار الطويل، الذي يثقل كاهل الموظفين والعمال الذين يضطرون إلى ترك أعمالهم نتيجة غياب فروع الهجرة والجوازات في بعض المحافظات، حيث أن من حق المواطنين الحصول على جوازات سفرهم بسهولة وسرعة، وبأسعار معقولة.
ــ الإلغاء الفوري لشرط التدقيق الأمني التعسفي الذي يخضع له طالبو الجواز، خاصة عندما يُستخدم كأداة لمعاقبة المعارضين أو المشتبه بولائهم السياسي، لما يشكله ذلك من خرق لحقوق المواطنة وانتهاك لمبدأ قرينة البراءة.
ــ محاسبة المسؤولين المتعاونين مع السماسرة في فروع إدارة الهجرة والجوازات، وكذلك في القنصليات والسفارات السورية، لمنع عمليات النصب والاحتيال واستغلال المواطنين.
ــ إطلاق آلية شكوى فعالة داخل إدارات الهجرة والجوازات والسفارات السورية، تتيح للمواطنين تقديم شكاوى عن الفساد أو الابتزاز أو سوء المعاملة، مع ضمان حماية المبلّغين وعدم تعرّضهم للانتقام.
[1] دليل انجاز معاملات الأحوال المدنية في الجمهورية العربية السورية الصادر عن وزارة الداخلية، جواز السفر الوطني https://www.unhcr.org/sy/wp-content/uploads/sites/3/2019/11/Civil-Documentation-Booklet-Oct-2019.-AR.pdf