يعتبر حقّ الفرد في الخصوصية والحماية من التدخل غير المشروع في حياته/ا الخاصة، من الحقوق الأساسية للإنسان، وقد حمى القانون السوري هذا الحقّ بشكل صارم، حيث حظر الدخول إلى منزل ما دون الحصول على إذن أو موافقة صاحبه، سواء كان هذا الدخول بطريق العنف أو التهديد أو التحايل أو أي طريقة أخرى غير مشروعة.

فالمنزل هو كل مكان للنزول فيه وهو مخصص لسكن الناس سواء شخص واحد أو أكثر، ويقصد بالسكن الإقامة سواء كانت دائمة أو مؤقتة، كما تعتبر من ملحقات المسكن الأجزاء المكملة له، وهي حديقة المنزل والسطح ومكان مبيت السيارة أو مكان مبيت الخدم أو حظيرة الحيوانات وغير ذلك، وتستمد هذه الملحقات حرمتها وصيانتها من واقع اتصالها بالمنزل.

وحرصاً من المشرع السوري على حماية حقوق الأفراد في العيش بسلام وأمان في منازلهم، فقد نصت المادة 557 من قانون العقوبات السوري على أنّه:

  • من دخل منزل أو مسكن آخر أو ملحقات مسكنه أو منزله خلافاً لإرادته، وكذلك من مكث في الأماكن المذكورة خلافاً لإرادة من له الحقّ في اقصائه عنها، عوقب بالحبس مدة لا تتجاوز الستة أشهر.
  • ويقضى بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنين إذا وقع الفعل ليلاً أو بواسطة الكسر أو العنف على الأشخاص أو باستعمال السلاح أو ارتكبه عدة أشخاص مجتمعين.
  • لا تجري الملاحقة في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الأولى إلا بناء على شكوى الفريق المتضرر.

نلاحظ من نص المادة أنه لكي تتحقق جريمة خرق حرمة منزل لابد من توافر ركنين: ركن مادي وركن معنوي.

 أولاًــ الركن المادي: فعل الدخول ويقصد به الولوج إلى المكان أي المسكن أو ملحقاته بدون رضا صاحبه/ا، والدخول يتم سواء من الباب أو النافذة أو من فتحة في جدار الحديقة وسواء كان صاحب المنزل موجوداً فيه أم لا، وهذا ما تم التأكيد عليه في اجتهاد محكمة النقض رقم 75 أساس 347 لعام 1982 حيث ذكرت بأنه “لا عقاب على من دخل منزل آخر إلاّ في حالة الاعتداء على إرادة صاحبه في الدخول إليه قسراً وبدون موافقته، وهذا هو الركن الأساسي في الجريمة، ولا وجود لها بدونه، أما إذا تم الدخول الى المنزل برضى من يملك الإذن بالدخول من أفراد الأسرة، أو حتى إذا تم الدخول بموافقة الخادمة فإن الدخول لا يؤلف جرماً“.

ثانياًــ الركن المعنوي: وهو علم الجاني بأنه يعتدي على حق الغير في السكن، أي يعلم بأنه قد دخل مكاناً يخصّ الغير، أو مكث فيه بدون إرادة صاحبه، حيث يمكن أن تتم واقعة الدخول بوجه قانوني بدايةً، كأن يستقبل صاحب المنزل ضيفاً بمحض إرادته ثم يتعدى هذا الضيف حدود الضيافة ويبقى في المنزل رغم طلب مضيفه بمغادرة المنزل، أو الزوج الذي يدخل منزل زوجته المطلقة ولو كان هذا المنزل ملكاً له، وقد استقر اجتهاد محكمة النقض على أن: “للزوجة المطلقة من زوجها حق المطالبة بالتعويض إذا خرق هذا الزوج حرمة منزلها ولو كان المنزل للزوج“. (مجلة المحامون العدد 10 لعام 1987 ) .

وقد عاقب قانون العقوبات السوري على جريمة خرق حرمة منزل بعقوبة جنحوية الوصف لا تتجاوز الستة أشهر، إلا أن المشرع تشدّد في العقوبة إذا وقع الفعل بأحد الظروف المشدّدة كأن يقع ليلاً أو بواسطة السلاح أو بواسطة العنف أو في حال تعدد الفاعلين، فتكون العقوبة من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات.

تعتبر هذه الجريمة من الجرائم التي تتوقف فيها الملاحقة القضائية على شكوى الفريق المتضرر، وبدون توفر هذه الشكوى لا يمكن للقضاء التدخل من تلقاء ذاته لمحاسبة الفاعل.

وتجدر الإشارة هنا إلى إن المشرّع قد أفرد نصاً خاصاً بموظف الدولة الذي يرتكب هذا الجرم، فقد نصت المادة 398 من قانون العقوبات السوري بأن: “كل موظف يدخل بصفة كونه موظفاً منزل أحد الناس أو ملحقات المنزل في غير الحالات التي ينص عليها القانون ودون مراعاة الأصول التي يفرضها يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، ولا تنقص العقوبة عن ستة أشهر إذا رافق العمل تحري المكان أو أي عمل تحكمي آخر أتاه الفاعل“.

ونلاحظ هنا بأن المشرع لم يعامل الموظف/ة معاملة الشخص العادي، لأنه يفترض به (الموظف) أن يكون حريصاً على راحة الناس وأمانهم لا أن يكون مصدر قلق وإزعاج لهم. فإن كان المشرع قد اشترط توفر ظروف معينة لتشديد العقوبة بخصوص الشخص العادي، فإنه لم يشترط توفرها بالنسبة للفاعل الموظف، إذ يكفي أن يكون موظفاً، وأن يكون الدخول في غير الحالات المنصوص عليها قانوناً، فالشرطي الذي يحمل إذناً بالدخول من قبل القضاء أو يدخل في حالة الجرم المشهود مثلاً لا يكون مرتكباً لجرم خرق حرمة منزل، سواء كان الدخول برضا صاحب المنزل أم بدونه.

وبناء على ما ذكرناه يكون لكل سوري تعرض لمثل هذا الجرم خلال سنوات النزاع التي مرت بها سوريا، أن يقاضي من ارتكب هذا الجرم بحقه سواء كان موظفاً أم لا، وذلك في حال تعرفه على الفاعل أو الفاعلين.